في حين تغيب الإحصاءات الرسمية الدقيقة عن عدد المواطنين «البدون» في السعودية، بلغ عدد قضاياهم المرفوعة إلى جمعية حقوق الإنسان 2847 قضية طوال الـ10 أعوام الماضية. وفيما قسمت الجمعية البدون إلى خمس فئات، تصدرت قضية المطالبة بالأوراق الثبوتية، ملف القضايا الأعلى عدداً في الجمعية.
وبحسب مصدر مطلع في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تحدث لـ«الحياة»، فإن السلطات السعودية لم تتمكن من حصر أعداد البدون الموجودين على أراضيها، واصفاً ملف البدون بـ«المعقد وأحد الملفات المهمة».
وأكد المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن وزارة الداخلية لا تملك إحصاءات لأعداد البدون في السعودية، إذ لم يتم حصرهم إلا من خلال القضايا التي تصل إلى جمعية حقوق الإنسان، والتي لم تتجاوز في مجملها 2847 قضية منذ 2004.
وأوضح أن قضية المطالبة بالأوراق الثبوتية تصدرت قضايا البدون التي تلقتها الجمعية وبلغ عددها 1356 قضية على مدار الأعوام الـ10 الماضية، يليها طلب الجنسية بـ1207 قضايا، وأخيراً قضية استرداد الجنسية بـ284 قضية. وأشار إلى أن البدون يصنفون إلى خمس فئات وقال: «هناك أفراد سحبت منهم هوياتهم نتيجة بلاغات تفيد بعدم نظامية حصولهم على الهوية الوطنية الرسمية، على رغم أنهم غالباً يملكون أوراقاً تثبت أنهم سعوديو الأصل والمولد والمنشأ في ظل شهادة شيوخ قبائلهم بأنهم من أصول سعودية».
لافتاً إلى أن الفئة الثانية التي رصدتها الجمعية «تتمثل في أشخاص سحبت هوياتهم ولم ترد لهم عند تقدمهم إلى اللجنة المركزية لحفائظ النفوس لتصحيح بيانات هوياتهم، لأسباب قيل إنها تعود لعدم ثبوت انتمائهم القبلي السعودي، لاسيما أنهم يملكون وثائق تفيد بانتمائهم إلى إحدى قبائل السعودية».
أما الفئة الثالثة بحسب المصدر فهم «الحلفاء الذين صدرت لهم بطاقة الخمسة أعوام ولم يمنحوا الجنسية على رغم وجود القرار الملكي الصادر 2001، والقاضي بمنح الجنسية السعودية لكل من يحمل بطاقة الخمسة أعوام وأسرته وهو ينتمي إلى إحدى القبائل السعودية». إضافة إلى الفئة الرابعة التي قدمت للسعودية للحج أو العمرة «ومكثوا بطرق غير نظامية ويحملون الجنسية الأم لبلادهم ولكنهم يخفونها للحيلولة دون ترحيلهم إلى بلدانهم وهذه الفئة في ازدياد».
وقال إن الجمعية رصدت فئة خامسة متمثلة في من صدرت لهم موافقة للحصول على بطاقات الهوية الوطنية وينتظرون انتهاء الإجراءات من ناحية إدارية ولم تنتهِ بعد، ونتج منها وجود عدد كبير من الأشخاص الذين لا يملكون هوية وطنية أو إثباتات شخصية أو أوراق ثبوتية الأمر الذي تسبب في سلبهم للعديد من الحقوق.
حرمان من التعليم والعلاج والتنقل
اعترفت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن البدون يعانون من حرمان حقوق أساسية جراء عدم تملكهم أوراقاً ثبوتية، ومنها حق التنقل والتعليم والعلاج. وأكد المصدر أن البدون لا يمكنهم التنقل خارج البلاد لعدم إصدار جواز سفر لهم، كما يتعرضون للاحتجاز في مراكز الترحيل لمدة طويلة، قبل أن يطلق سراحهم، أو يوضعون على الحدود، ثم يعودون، لعدم وجود دولة تستقبلهم، فضلاً عن أنهم يواجهون صعوبات في إثبات وفاتهم، أو الموافقة على دفن موتاهم بشكل رسمي، وتوثيق زيجاتهم وطلاقهم، لعدم حملهم أوراقاً ثبوتية. وذكر المصدر أن من الحقوق الأساسية المحروم منها البدون حق التعليم وتلقي الرعاية الصحية وحق العمل، إذ بلغت قضايا الأحوال المدنية التي تلقتها الجمعية مؤخراً 10 في المئة.
وعاد ملف البدون إلى الواجهة أخيراً، حين أصدرت الجوازات أخيراً بطاقات خاصة للقبائل النازحة (البدون) تسهل إجراءاتهم بصفة رسمية، تشبه الإقامات المخصصة للوافدين، إلا أن لها مزايا تجعل صاحبها يعامل مثل السعوديين، قبل أن يصرح وزير الحرس الوطني أن ملف البدون من الملفات التي تدرسها الآن جهات حكومية عدة بينها وزارة الداخلية.