الخميس، 18 يوليو 2013

حياة البدون فى السعودية "مجمدة" منذ عقود



حياة البدون فى السعودية "مجمدة" منذ عقود


الرياض(أ ف ب)
يعيش البدون فى السعودية "حياة مجمدة" تفتقد إلى الخدمات الضرورية فى مجالات الاستشفاء والتربية والزواج والمعاملات المالية ويعربون عن مخاوفهم من أن يصبح "المؤقت دائما" بعد أن طال انتظارهم عقودا.

ويوضح الخمسينى أبو إبراهيم، أن "حياتنا مجمدة أو معلقة لا نستطيع الحصول على خدمات الدولة فى الطبابة وقطاعات أخرى وخصوصا أولئك الذين لم يسجلوا أنفسهم إبان حملة الإحصاء أواخر السبعينات".

والبدون من البدو الرحل الذين كانوا يتنقلون بين السعودية والعراق والكويت والأردن. وقد بدأت معاناتهم بعد وضع الحدود السياسية بين دول المنطقة، وهناك حوالى 106 آلاف منهم فى الكويت وحدها.

والبدون فى السعودية بينهم حملة "البطاقات السوداء" وأصحاب شهادات الميلاد. والبطاقات السوداء هى عبارة عن بطاقة تعريف مؤقتة صالحة لخمس سنوات. ويقول الناشط الحقوقى وليد أبو الخير أن "البدون حياتهم صعبة ومزرية والجنسية تحق لهم قانونا وغالبيتهم موجودة فى شمال المملكة لقد ارتكبوا خطأ بعدم تسجيل أنفسهم بسبب ترحالهم الدائم". ويضيف "هناك فئة منهم حصلت على البطاقات السوداء".

ويتابع "هناك يمنيون نالوا الجنسية السعودية فى أوقات سابقة لكن تم انتزاعها منهم إبان حرب الخليج الثانية (1991) ومن الصعب معرفة إعدادهم".

كما تشير جهات حقوقية إلى مجموعات غير معروفة العدد من البلوش أيضا.
وبدأت لجان تابعة لوزارة الداخلية السعودية حصر إعداد غير المجنسين من أبناء القبائل أواخر السبعينيات متخذة من حفر الباطن، شرق المملكة، منطلقا لعملياتها. وصدر مرسوم ملكى قبل 13 عاما يقضى بمنح الجنسية لقبائل شمر وعنزة وبنى خالد والاساعدة، وهم من عتيبة، بالإضافة إلى حلفائهم. ويقول احمد ناصر العنزى، وهو مستشار قانونى ينشط فى الدفاع عن البدون، أن "تسعين فى المائة من أبناء القبائل حصلوا على الجنسية لكن الحلفاء ما يزالون يحملون البطاقة السوداء للعمل والتنقل، لكن الذين لم يجددوها يعانون الأمرين". والحلفاء هم من المصاهرين والانسباء ومن تخلت عنهم قبائلهم فلجأوا إلى غيرها. 

وقد حصل الذين تسجلوا على "البطاقة السوداء" التى يتم تجديدها مرة كل خمس سنوات فى حفر الباطن بغض النظر عن مكان الإقامة و"إذا تخلف احدهم لسبب ما فهناك الطامة الكبرى وما تخلفه من مآس". 

ويتابع العنزى لفرانس برس أن "كل معاملات المواطن السعودى متوقفة على امتلاكه رقم الحاسب الآلي" فى إشارة إلى رقم يسمح لحامله بالحصول على كافة خدمات الدولة، لكن من ليس بحوزته الرقم "فلا وجود له ادارايا"، تطلق الدولة على البدون تسمية "القبائل النازحة"، وتتباين التقديرات بشان إعدادهم لكن المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة تقول بأنها لا تتجاوز السبعين الفا. من جهته، يقول الستينى عبد الله مكتفيا بذكر اسمه الأول "أولادى درسوا فى الجامعة لكنهم يعانون البطالة، وبناتى يواجهن العنوسة ولا خيار أمامهن سوى الزواج العرفى بسبب استحالة الحصول على صك زواج لعدم وجود الرقم الآلى". 

ويضيف "بعضنا يخدم فى القطاعات العسكرية منذ أكثر من عقدين وقد صدر مرسوم ملكى العام 2007 يقضى بمنح الجنسية للعشرات منا لكن المراجعات لم تسفر عن نتيجة حتى الآن". ويتابع "نناشد خادم الحرمين الشريفين أن يوجه وزارة الداخلية بعدم إهمالنا". ولم يتسن الحصول على تعليق من الوزارة.

من جهته، يؤكد ناصر الشمرى أن حملة البطاقات "لا يحصلون بسهولة على جواز سفر للعلاج أو الدراسة فى الخارج لكن السلطات تمنح البعض تذكرة مرور مدتها ستة أشهر لسفرة واحدة، إلا انك لا تستطيع الذهاب إلى دول خليجية". ويوضح أن "التجديد أصبح يستغرق أشهرا ويشمل الجميع كبارا وصغارا إناثا وذكورا"، ويضيف أن "حملة البطاقة ليس بإمكانهم تسجيل أكثر من سيارة باسمهم أو تملك عقار، منزلا كان أم أرضا، كما أن بعضهم يواجه صعوبات فى دفن موتاهم لقد منحتهم السلطات هذه البطاقات على أساس فترة زمنية موقتة لكن الموقت أصبح دائما". 

يشار إلى أن حملة البطاقات لا يستطيعون استخدام حساباتهم المصرفية أو قيادة السيارة خلال عملية تجديد البطاقة "ما يعنى توقف حياتك"، بحسب الشمرى. 

ويختم قائلاً إن "بعض شركات الاتصالات تمتنع عن منحنا هاتف بفاتورة بسبب عبارة القبائل النازحة كما ان المصارف لا تمنحنا قروضا للسبب ذاته"، أما محمد عبد الله، وهو عسكرى متقاعد، فيقول "خدمت فى السلك العسكرى اكثر من ثلاثة عقود وأحلت إلى التقاعد من دون راتب أو مكافأة وكل ذلك لغياب الرقم الآلى". 

ويتبع "هناك جيل باكمله يشعر ان الجنسية لم تعد ذات منفعة شخصية له إنما لأولاده وأحفاده ننتظر منذ 35 عاما وبامكانك ان تتخيل كم اصبح عدد افراد العائلة منذ ذلك الوقت". ويختم متنهدا "ليس هناك بصيص أمل أو ضوء فى اخر النفق مع التهميش الملازم لنا".

وتتواجد غالبية البدون فى أحياء النظيم والنسيم والجنادرية فى الرياض وفى حفر الباطن والمنطقة الشمالية من رفحاء وعرعر إلى القريات والجوف. من جهته، يقول فيصل حسين أن "الجامعات تصنف أولادنا كطلاب أجانب لا يستطيعون الاستفادة من المنح كما أن دخول كلية الطب ممنوع عليهم". 

ويضيف بحسرة "نحن نعامل كسعوديين فى مجالات العمل بموجب تعليمات وزارتى الداخلية والعمل، لكن يتم الاعتذار منا لان الشركات ليس بوسعها التعامل معنا بسبب المعاملات المصرفية". واستغرب منح الجنسية السعودية لبعض "القادمين من الخارج وحجبها عنا رغم أننا ولدنا هنا فنحن أبناء هذه الأرض".

وما يزيد صعوبة الأمر أن الحاصلين على الجنسية لا يستطيعون منحها لأبنائهم بشكل تلقائى بل يجب تقديم طلب جديد قد يستغرق سنتين. ويقول ناشط اشترط عدم ذكر اسمه أن "ابرز المفارقات هى منع الحاصلين على الجنسية من الانضمام إلى الجيش رغم أن العديد ممن لا إثبات رسميا لديهم يخدمون فى هذا السلك منذ أكثر من 25 عاما".

ويختم قائلا "كان الحصول على الجنسية امرأ غير معقد لكن المشكلة تكمن فى أن معظم البدون هم بدو رحل أميون يجهلون أنظمة الدولة ولم يسجلوا أسماءهم".

0 التعليقات :

إرسال تعليق